تقنية التوقيع البيولوجي لحماية البيانات الشخصية

Biometric_signature_1_art

كثيرا من المستخدمين لديهم كلمات وأرقام سرية لبريدهم الإلكتروني وشبكاتهم الاجتماعية والخدمات المصرفية الإلكترونية الخاصة بهم، ولكن المشكلة الأساسية التي تواجه الجميع هي أن هذه الكلمات والأرقام عرضة للسرقة بطريقة أو بأخرى، ولا تستطيع الشركات المطورة للخدمات سوى تصعيب الأمور على السارق، ولكن لا ضمان بالكامل أن هذا الأمر لن يحدث. ويكمن مستقبل الأمن الشخصي في جسم الإنسان الذي يستطيع الإجابة عن جميع الأسئلة الأمنية والسرية للخدمات والمواقع، من خلال مراقبة طريقة تصرفه وتفاعله مع الأجهزة المحيطة به، وقراءة بياناته الحيوية ونمط تنقله، ومقارنة ذلك بالنمط الرئيس للاستخدام.

تواصل الآلات

أعادت “ابل” إشعال جدال الأمن البيولوجي بإضافة ماسحة ضوئية لبصمات أصابع المستخدمين في هاتفها “iPhone 5S”، كما أن الكثير من التطبيقات على أجهزة “Android” و “iOS” تدعم التعرف على ملامح وجه المستخدم للتأكد من هويته والسماح له باستخدام الهاتف الذكي.

إلا أن مستقبل هذا القطاع يتجاوز مجرد مسح البصمات والتعرف على عيون وأنف وفم المستخدمين، إذ من الممكن تطوير هواتف “ذكية” تستطيع قياس شدة ضغط أصبع المستخدم، ومقارنة هذه البيانات في المستقبل، في حال سرقة الجهاز لمنع الدخول إلى بيانات المستخدم، أو تطوير لوحات مفاتيح تستطيع التعرف على سرعة كتابة يد المستخدم على الأزرار، وإجراء مقارنات شبيهة في المرات المقبلة لتحديد إن كان المستخدم هو نفسه أم شخصا آخر يتظاهر بأنه هو المستخدم الحقيقي. وتمهد التقنيات التي يمكن ارتداؤها الطريق نحو تفاعل أكثر تطورا من مجرد عرض الرسائل النصية على الساعة، أو مشهد فيديو في نظارة ما، إذ من الممكن تطوير جيل جديد منها يستطيع التعرف على نمط نبضات قلب المستخدم للتأكد من هويته، وإيصال هذه المعلومات لاسلكيا إلى الأجهزة المحيطة فيما يُعرف بتواصل الآلات مع بعضها Machine To Machine، الذي من المتوقع أن يتطور من مجرد مفهوم تقني إلى تواصل بديهي خلال السنوات القليلة المقبلة.

ولدى الهواتف الذكية الموجودة في جيوبنا القدرة على معالجة هذه البيانات نظرا للتطور التقني الذي تتمتع به، ووجود مجسات ومستشعرات كثيرة تخدم تلك التطبيقات الأمنية، ليصبح لكل مستخدم بيانات إحصائية بيولوجية خاصة به، أو “توقيعه الحيوي” الذي يستحيل تزويره أو سرقته.

بيانات نمط الاستخدام

يطور باحثون في “جامعة إلينوي للتقنية” الأميركية حاليا منصة أمن رقمي اسمها الحاسة الصامتة “SilentSense” مستخدمين المجسات الموجودة في الهواتف الذكية، التي تُباع في الأسواق وبرمجياتهم الخاصة، وظيفتها هي تسجيل بيانات نمط تفاعل المستخدم مع الهاتف باللمس، بما في ذلك زاوية ميلان الهاتف في يده، وارتجاج الجهاز لدى الكتابة، وفترة الضغط على الشاشة، وشدة الضغط على الأيقونات والقوائم، وكيفية التنقل في الصفحات والرسائل.

وتعتمد هذه التقنية على فكرة أساسية هي أن الأفراد المختلفين يضغطون ويتفاعلون مع أجهزتهم بشكل مختلف تماما، على المستوى الدقيق الذي يمكن للبرمجيات التعرف عليه. وتستطيع هذه التقنية حذف العوامل غير المقصودة التي تؤثر على دقة الاستخدام، مثل الاهتزاز الناجم عن التنقل في السيارة أو القطار أو الطائرة، إذ تستطيع البرمجيات احتساب السرعة التي يتنقل بها المستخدم (باستخدام بيانات الملاحة الجغرافية  GPS، مثلا) وإلغاء أثر تلك الاهتزازات أو احتساب أثرها أثناء العمل.

وأثبتت هذه التقنية فعاليتها بدقة وصلت إلى 99 في المائة في التجارب الأولية على أجهزة “Android”، وتستطيع إغلاق الجهاز في حال ملاحظتها أن نمط الاستخدام أو التفاعل مختلف عن النمط السابق للمستخدم، وذلك لحماية خصوصية البيانات في حال فقدان الهاتف أو سرقته. ويمكن تخصيص التقنية للعمل لدى تشغيل التطبيقات المهمة فقط، مثل البريد الإلكتروني والرسائل النصية، والتوقف عن العمل لدى اللعب بالألعاب الإلكترونية أو الاستماع إلى الموسيقى، مثلا، وذلك بهدف توفير شحنة البطارية للجهاز.

وتستطيع المنصة أيضا مراقبة خط التنقل اليومي للمستخدم، والتعرف على ما إذ كان المسار قد تغير فجأة، ودمج ذلك مع بيانات أخرى لتحديد ما إذا كان الجهاز قد سُرق أم لا، مع ضمان خصوصية المستخدم، إذ إن جميع البيانات التي يجري مراقبتها مشفرة، ولن تنقل إلى الإنترنت أو ترسل إلى أي طرف آخر.

Biometric_signature_2_art

أساور أمنية
من التقنيات الجديدة في هذا القطاع أساور “Nymi” التي توضع على رسغ المستخدم ويضغط عليها باليد الأخرى لإكمال الدارة الكهربائية، التي تتعرف على نمط دقات قلب المستخدم (الذي يصعب سرقته أو نسيانه في أي مكان) وتتأكد من أنه يتبع للمستخدم نفسه المسجل سابقا، ومن ثم تنقل هذه البيانات لاسلكيا إلى تطبيق موجود في الهاتف الذكي أو الكومبيوتر المحمول للمستخدم أو الصراف الآلي للسماح باستخدام الجهاز أو منعه. وتواجه هذه التقنية بعض التحدي، مثل عدم انتظام ضربات القلب لدى بعض المرضى، أو من يستخدمون صمامات ميكانيكية داخل قلبهم، أو حتى المستخدمين العاديين الذين يهرولون مسرعين نحو الطائرة التي تأخروا عن موعد إقلاعها، أو الذين يمارسون أي نوع من الرياضة. وتقول الشركة المطورة لهذه الأساور إنها لا تراقب عدد ضربات القلب، بل شكل الموجة الكهربائية لنبضات القلب ECG Wave، الأمر الذي يسهل تلافي هذه العقبة. ويمكن طلب هذه الأساور مسبقا بسعر 79 دولارا من موقع الشركة.

وعلى الرغم من أهمية هذه التقنيات المتقدمة، فإن كثيرا من المستخدمين فرحون باستخدام كلمات وأرقام سر خاصة بهم، ولكن لا يمكن الاعتماد على هذه الكلمات بشكل مطلق، إن رغب المستخدم بحماية خصوصية بياناته الشخصية، التي تتعرض للانتهاك بشكل مستمر مع تطور حيل وتقنيات سرقة البيانات، واعتماد المستخدم لكلمة سر واحدة لغالبية خدماته الرقمية.

زر الذهاب إلى الأعلى