في سبيل ادراك أشمل للحاسوب (الجزء 1) : البداية ..

PC_PART01_COVERهذه بداية سلسلة من المقالات التي سأتناول فيها كل شئ عن الحاسوب (باذن الله) ، فكرة عمله ،بداية نشأته ، تدرج تطوره ، العوامل التي بدّلت من مسار هذا التطور ، وكيف تغير الحاسوب الي شئ مختلف تماما عن ما اعتقده الحالمون الأولون .

والبداية ، -كما عودناكم- بسيطة للغاية ، مثلها مثل بداية أي اختراع أو ابتكار أنتجته قريحة العقول البشرية المفكّرة ..

نشأ الحاسوب تدريجيا ، واعتمد علي حاجة البشر أكثر مما اعتمد علي رغبتهم في ابتكار عقل مفكر ، والقاعدة القديمة لا تزال تثبت صحتها حتي مع الحاسوب ، فالحاجة حقا هي أم الاختراع .

فاذا فرغنا من ترسيخ نمطية بداية الحاسوب ،يصبح بامكاننا أن نخطو نحو مفهوم أفضل لهذه البداية ، نحو ادراك أشمل للحاسوب ..

اولا: نمطيّة بداية الحاسوب :

سوف نختصر من البداية الكثير ، بل سوف نبتعد تماما عن البداية الحقيقة ، ونستبدلها ببداية وهمية ، تتفق معها في المبدأ ، وتختلف عنها في ترتيب الوقائع ، فنحن لا نحتاج لدرس طويل في التاريخ ، و لن يخدمنا هذا في شئ ، ما نحتاجه حقا هو لبّ القصة ، حقيقي كان أم افتراضي ..

سنبدأ بمجموعة من الافتراضات ، افتراضات تحمل جزءا من الحقيقة ، لكنها لا تمثّلها كلّها ..

تعالوا نفترض وجود أبسط سمّاعة صوت Speaker في التاريخ ، سماعة عادية تبلغ من بساطتها وقلة تعقيدها أن بامكان طفل صغير أن يصنعها في منزله ..

كل ما سوف يحتاجه هذا الطفل الصغير هو غشاء رقيق مشدود من الجلد ، مثبت في أسفله ملف من الحديد ، و مغناطيسا كهربيا .

سيقوم هذا الطفل بتوصيل الأجزاء الثلاثة مع بعضهم ، ليحصل علي أبسط سماعة كهربية في التاريخ .

وفكرة عمل هذه السماعة بسيطة للغاية أيضا ، فالصوت هو مجرد موجة اهتزازية منتظمة ، تسري في الهواء أو في الماء أو حتي الخشب ، وتسبب اهتزاز ذرات هذه المواد بشكل متناسق منتظم .

فالصوت الخارج من فم الانسان ما هو الا هواء يهتز بطريقة معينة ، وتقوم عضلات الحنجرة بهزّ هذا الهواء كيفما يشاء الشخص ، ليخرج من فمه الصوت الذي يريده .

ولهذا السبب لا يمكن للصوت أن ينتقل في الفراغ أو الفضاء الخارجي ، لأن الفراغ لا يحوي هواء أو ماء أو أي مادة قابلة للاهتزاز ، وبهذا يتنفي شرط حدوث الصوت من الأساس .

اذن كل ما يحتاجه المرء ليقوم بتوليد الصوت هو مادة قابلة للاهتزاز ، و شئ يولد الاهتزاز !

وحيث أننا نعيش علي الأرض بالفعل ،و يحيط بنا الهواء من كل اتجاه ، فان الشرط الأول يتحقق بدون جهد منا ، ويتبقي الشرط الثاني بالطبع .

ولقد خلق الله الحنجرة في الانسان بحيث تحقق هذا الشرط بدقة شديدة ، فالحنجرة بها من العضلات ما يستطيع توليد مجال كبير من الاهتزازت ، وبسهولة وتحكم كاملين من المخ البشري .

لكن الانسان لا يكتفي بقدراته الفطرية ، وانما يسعي لزيادتها فوق حدودها الطبيعية عن طريق الآلة ، وهذا سبب ابتكاره للسماعة بالطبع.

ولكي تحقق السماعة الشرط الثاني لتوليد الصوت ، فيجب أن تحتوي علي ما يماثل عضلات الحنجرة .. شئ ما يهتز ، وينقل تلك الاهتزازات الي الهواء ، فيتولد الصوت .

وهنا نعرف فائدة غشاء الجلد المشدود في سماعتنا البسيطة ، فهو يخدم غرض توليد الاهتزازات جيدا ، فالجلد المشدود يهتز بسهولة اذا تعرض لضغط مباشر .

1 2 3 4 5 6الصفحة التالية

محمد عبد الحميد

محمد عبد الحميد .. 25 سنة ..
زر الذهاب إلى الأعلى